أولا : وضعيــة الأجـــراء فــي التشــريــع الفــرنســـي :
لـقـد أولـى المشـرع الفرنسي اهتـماما خاصا لوضعية الأجير ضمن مؤسسة معالجة صـعوبات الـمقاولة، وذلك لتفعيل حق الشـغل على مستوى الواقع وإيجاد توازن موضوعي بين القانون التجاري والقانون الإجتماعي(2) ، ومن بين هذه الجوانب التي تكفل حماية ديون الأجـراء فـي الـتشـريـع الـفـرنسي، أن هذه الأخـيـرة تحظى بامتياز عام على المنقولات والـعـقارات. ومـن جهــة أخــرى تحــظى بـامتـيـاز خـاص أو بامـتـيـاز الامـتـيـاز والـذي يـضمن لكـل الأجـــراء الحــق في الأداء الفوري لديونهم . فتأسيسا على الطابع المعيشي والاجتماعي للأجــــور فإنها تحظى في التشريع الفرنسي بامتياز عام، يرد على كافة المنقولات والعقـــارات المملوكة للمدين، تطبيقا لمقتضيات الفصل7-143 من قانون الشغل (3) ،غير أن هذا الامتياز الذي تعــرض له المشرع الفرنسي لم يكن يقدم حماية كافية لمصالح الأجراء، لأنه يأتي في المرتـبـة الرابعـــة وذلك بعـد المصـــاريف القضائية، ومصاريف الجــنازة والمرض، ويصبح مسبوقا بامتياز الخزينة والامتيازات الأخرى في حــالة وجودها. ولتجاوز تلك الثغرات التي تحد من حماية ديــون الأجراء تدخل المشرع الفرنسي لإضفــاء حمــاية أكثـر عليها، حيث أصبحت تحظى بامتياز خــاص أو بامـتـيـاز الامتياز والذي يضمـــن للأجراء الحــق في الأداء الفوري لديونهم السابقة، عن حـكـم فـتـح الـمـسطرة ويغطي أداء الأجـور المستحقة عن ستين يوم عمل الأخيرة من الشغل داخل المــقـاولـة، حيث يتـم هـذا الأداء خــــلال عشــرة الأيام الــتـي تلي صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة ضـــد الـمـقاولة المشغلة(4)
وتتجلى أهمية هذا الامتياز الخاص في إعطاء الأسـبقـية لديـون الأجراء عن طريق أدائها في أقرب وقت ممكن قبل أي دين آخر في حالة فتح مسطرة التسوية القضائية، كمـا أنـه يـغطي نفس الديون التي يضمنها الامتياز العام، وهو محدد كذلك من حيث الزمان، ويرد على العقار والمنقول على حد سواء وذلك بخلاف ما هو عليه الحال في الامتياز العام الذي لا يرد على العقار إلا استثناء(6) .
وتأسيسا على ذلك يمكن القول أن ديون الأجراء تحظى بحـمـاية خاصة وذلك استناد إلى طابعها المعيشي، حيث لا تخضع لمبدأ الأجال والتخفيضات، كما أنها لا تخضع لقاعدة التصريح بالديـون أو تـحقيـقـها، ولا تـسـري عليها قاعدة وقف المتابعات الفردية(7) حيث يمكنهم المطالبة بالأداء الفوري لديونهم وبالأولوية على باقي الديون الأخرى الممتازة اوالمضمونـة بامتيازات غير الرهـن الحيازي، دون أن يـكونوا معنيين بقاعدة المنع من اداء الديون السابقة وهو مـا قد يؤثر سلبا على وعـاء حــق الأسبقية المعترف به للدائنين الناشئة ديونــهــم بـعـد فتح المسـطرة.
كمـا أن المشرع الـفـرنـسي استثنى بمقتضى المادة 40 من قانون 1985 الديون المضمونة بامتياز قانون الشغل، وجعلها مقدمة على غيرها من الديون، بما في ذلك الديون المـــترتـبـة على المــقـاولـة أثـنـاء فـتـرة الملاحظة وإعداد الحل وكذلك في مرحلة التصفية القضائية( حيث تحظى بالأولوية في الأداء على تلك المشار إليها في المادة السابقة. ومعنى ذلك أن دائني المادة 40 يتفوق عليهم الأجراء الذين متعهم المشرع الفرنسي بامتياز ممتاز، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 40 من التشريع الفرنسي لسنة 1985على مايلـي :
" 1- تؤدى الديون الناشئة بصفة قانونية بعد حكم فتح المسطرة في تاريخ استحقاقها عند متابعة النشاط، وفي حالة التفويت الكلي بالأسبقية على كل الديون الأخرى، سواء كانت مقرونة أم لا بامتيازات أو ضمانات، باستثناء الديون المضمونة بالامتياز المنصوص عليه في الفصول :
L 143-10 و L 143-11 و L 742-6 و L 15-751
من قانون الشغل....
كما تنص الفقرة الثانية من المادة 40 بعد التعديل الذي أدخل عليها بمقتضى القانون 495-94 ل 10 يونيو 1994 على ما يـلـي :
" في حالة التصفية القضائية، تؤدى الديون – أي ديون المادة 40- بالأسبقيـة على كل الديون الأخرى، باستثناء الديون المضمونة بالامتياز المنصوص عليه في الفصول L 10-143 L 571-15 , L 742-6 , L 143 -11,
مـــــــــن قانـــــــــــــــــــــــــــــــــــون الشـــــــــغل، والمصـــاريـــف
القضـــائية والــديون المضـمونة بضـمانات عقـارية خاصة أو مقرونة بحق الحبس أو المضمونة بضمانات تم تأسيسها طبقا للقانون رقم 59/51الصادر بتاريخ 18 يناير 1951 والمتعلق برهن أدوات ومعدات التجهيز ".
فمن خلال دراسة المادة 40 من القانون الفرنسي قبل وبعد تعديل 10 يونيو 1994، نتوصل إلى النتائج التالية :
1- أن الديون الناتجة بعد فتح مسطرة التسوية القضائية تؤدى بالأسبقية على كافة الديون الأخرى مع استثناء ديون الأجراء المنصوص عليها في الفصول
من قانون الشغل (9)L 143 -10 -751-15 , L 742-6 , L 143 -11,
2- في حالة التصفية القضائية تؤدى أيضا ديون المادة 40 بالأسبقية على باقي الديون الأخرى، لكن الملاحظ أن المشرع الفرنسي أضاف إلى الاستثناء المتعلق بديون الأجراء المشار إليه سابقا استثناء آخر يتعلق بالديون الناتجة عن المصاريف القضائية والديون المضمونة بضمانات عقارية أو بضمانات منقولة مقرونة بحق الحبس والتي تملك هي الأخرى الأفضلية على دائني المادة 40.
وعليه، فإن ديون الأجراء تحظى بالأولوية في الأداء قبل دائني المادة 40. إذ بوأها المشرع الفرنسي الدرجة الأولى ضمن الديون الواجبة الأداء وهو ما يعكس لنا مدى الحـرص الـكبيـــــر الذي يـوليـه الـقـانـون الـفرنـسي لـوضـعية الأجراء في نطاق المساطر الجماعية(10) . ولم يقف المشرع الفرنسي عند حدود الامتياز السالف الذكر، وإنما وضع مجموعة من الضمانات القانونية والمؤسساتية التي تكفل استيفاء الديون المشمولة بذلك الامتياز. ولعل أهم هذه الضمانات يكمن في ضمان أداء جميع المبالغ المستحقة للأجراء يوم افتتاح المسطرة من طرف جمعية تدبير نظام التأمين على ديون الأجراء :
" Association pour la gestion du régime d’assurance de créances des salaires"
ونظرا لأهمية هذا الضمان في الوفاء بديون الأجراء عند عدم تغطية أموال المقاولة لهذه الديون فقد مدده المشرع الفرنسي ليشمل جميع المبالغ المستحقة للأجراء بما في ذلك التعويضات والفوائد المحتملة والديون الناتجة عن توقف عقد الشغل أو إنهائه، وهكذا أصبح للمتصرف القضائي الحق في أن يطالب هذا الجهاز بالمبالغ اللازمة لأداء الـديـون الـخاضعة للامـتـيـاز الممتاز في حالة عدم كفاية أموال المدين الخاضع لمساطر المـعـالجة للـوفـاء بتلك الديون، وهذا يعتبر مكسبا حمائيا بمقتضاه يتم ضمان أداء المبالغ المستحقة يوم افتتاح المسطرة نظرا لطبيعتها الإنسانية والمعيشية.
والخلاصة التي نتوصل إليها هي أن الأجير في التشريع الفرنسي يوجد في وضعية مريحة وأكثر حماية تنافس جميع الدائنين بما في ذلك دائني المادة 40 المشار إليها سابــــقا، وهو ما يــؤثـر بصفة فعلية على مركز الــدائن اللاحق ، وإذا كان هذا الوضع هو الـــوضع في القانون الفرنسي، فما هو الوضع في القانون المغربي ؟ وإلى أي حد يمكن أن يؤثر مركز الأجير على مركز الدائنين ؟
دلك ما سنترق له في الحلقة القادمة .
لـقـد أولـى المشـرع الفرنسي اهتـماما خاصا لوضعية الأجير ضمن مؤسسة معالجة صـعوبات الـمقاولة، وذلك لتفعيل حق الشـغل على مستوى الواقع وإيجاد توازن موضوعي بين القانون التجاري والقانون الإجتماعي(2) ، ومن بين هذه الجوانب التي تكفل حماية ديون الأجـراء فـي الـتشـريـع الـفـرنسي، أن هذه الأخـيـرة تحظى بامتياز عام على المنقولات والـعـقارات. ومـن جهــة أخــرى تحــظى بـامتـيـاز خـاص أو بامـتـيـاز الامـتـيـاز والـذي يـضمن لكـل الأجـــراء الحــق في الأداء الفوري لديونهم . فتأسيسا على الطابع المعيشي والاجتماعي للأجــــور فإنها تحظى في التشريع الفرنسي بامتياز عام، يرد على كافة المنقولات والعقـــارات المملوكة للمدين، تطبيقا لمقتضيات الفصل7-143 من قانون الشغل (3) ،غير أن هذا الامتياز الذي تعــرض له المشرع الفرنسي لم يكن يقدم حماية كافية لمصالح الأجراء، لأنه يأتي في المرتـبـة الرابعـــة وذلك بعـد المصـــاريف القضائية، ومصاريف الجــنازة والمرض، ويصبح مسبوقا بامتياز الخزينة والامتيازات الأخرى في حــالة وجودها. ولتجاوز تلك الثغرات التي تحد من حماية ديــون الأجراء تدخل المشرع الفرنسي لإضفــاء حمــاية أكثـر عليها، حيث أصبحت تحظى بامتياز خــاص أو بامـتـيـاز الامتياز والذي يضمـــن للأجراء الحــق في الأداء الفوري لديونهم السابقة، عن حـكـم فـتـح الـمـسطرة ويغطي أداء الأجـور المستحقة عن ستين يوم عمل الأخيرة من الشغل داخل المــقـاولـة، حيث يتـم هـذا الأداء خــــلال عشــرة الأيام الــتـي تلي صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة ضـــد الـمـقاولة المشغلة(4)
وتتجلى أهمية هذا الامتياز الخاص في إعطاء الأسـبقـية لديـون الأجراء عن طريق أدائها في أقرب وقت ممكن قبل أي دين آخر في حالة فتح مسطرة التسوية القضائية، كمـا أنـه يـغطي نفس الديون التي يضمنها الامتياز العام، وهو محدد كذلك من حيث الزمان، ويرد على العقار والمنقول على حد سواء وذلك بخلاف ما هو عليه الحال في الامتياز العام الذي لا يرد على العقار إلا استثناء(6) .
وتأسيسا على ذلك يمكن القول أن ديون الأجراء تحظى بحـمـاية خاصة وذلك استناد إلى طابعها المعيشي، حيث لا تخضع لمبدأ الأجال والتخفيضات، كما أنها لا تخضع لقاعدة التصريح بالديـون أو تـحقيـقـها، ولا تـسـري عليها قاعدة وقف المتابعات الفردية(7) حيث يمكنهم المطالبة بالأداء الفوري لديونهم وبالأولوية على باقي الديون الأخرى الممتازة اوالمضمونـة بامتيازات غير الرهـن الحيازي، دون أن يـكونوا معنيين بقاعدة المنع من اداء الديون السابقة وهو مـا قد يؤثر سلبا على وعـاء حــق الأسبقية المعترف به للدائنين الناشئة ديونــهــم بـعـد فتح المسـطرة.
كمـا أن المشرع الـفـرنـسي استثنى بمقتضى المادة 40 من قانون 1985 الديون المضمونة بامتياز قانون الشغل، وجعلها مقدمة على غيرها من الديون، بما في ذلك الديون المـــترتـبـة على المــقـاولـة أثـنـاء فـتـرة الملاحظة وإعداد الحل وكذلك في مرحلة التصفية القضائية( حيث تحظى بالأولوية في الأداء على تلك المشار إليها في المادة السابقة. ومعنى ذلك أن دائني المادة 40 يتفوق عليهم الأجراء الذين متعهم المشرع الفرنسي بامتياز ممتاز، حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 40 من التشريع الفرنسي لسنة 1985على مايلـي :
" 1- تؤدى الديون الناشئة بصفة قانونية بعد حكم فتح المسطرة في تاريخ استحقاقها عند متابعة النشاط، وفي حالة التفويت الكلي بالأسبقية على كل الديون الأخرى، سواء كانت مقرونة أم لا بامتيازات أو ضمانات، باستثناء الديون المضمونة بالامتياز المنصوص عليه في الفصول :
L 143-10 و L 143-11 و L 742-6 و L 15-751
من قانون الشغل....
كما تنص الفقرة الثانية من المادة 40 بعد التعديل الذي أدخل عليها بمقتضى القانون 495-94 ل 10 يونيو 1994 على ما يـلـي :
" في حالة التصفية القضائية، تؤدى الديون – أي ديون المادة 40- بالأسبقيـة على كل الديون الأخرى، باستثناء الديون المضمونة بالامتياز المنصوص عليه في الفصول L 10-143 L 571-15 , L 742-6 , L 143 -11,
مـــــــــن قانـــــــــــــــــــــــــــــــــــون الشـــــــــغل، والمصـــاريـــف
القضـــائية والــديون المضـمونة بضـمانات عقـارية خاصة أو مقرونة بحق الحبس أو المضمونة بضمانات تم تأسيسها طبقا للقانون رقم 59/51الصادر بتاريخ 18 يناير 1951 والمتعلق برهن أدوات ومعدات التجهيز ".
فمن خلال دراسة المادة 40 من القانون الفرنسي قبل وبعد تعديل 10 يونيو 1994، نتوصل إلى النتائج التالية :
1- أن الديون الناتجة بعد فتح مسطرة التسوية القضائية تؤدى بالأسبقية على كافة الديون الأخرى مع استثناء ديون الأجراء المنصوص عليها في الفصول
من قانون الشغل (9)L 143 -10 -751-15 , L 742-6 , L 143 -11,
2- في حالة التصفية القضائية تؤدى أيضا ديون المادة 40 بالأسبقية على باقي الديون الأخرى، لكن الملاحظ أن المشرع الفرنسي أضاف إلى الاستثناء المتعلق بديون الأجراء المشار إليه سابقا استثناء آخر يتعلق بالديون الناتجة عن المصاريف القضائية والديون المضمونة بضمانات عقارية أو بضمانات منقولة مقرونة بحق الحبس والتي تملك هي الأخرى الأفضلية على دائني المادة 40.
وعليه، فإن ديون الأجراء تحظى بالأولوية في الأداء قبل دائني المادة 40. إذ بوأها المشرع الفرنسي الدرجة الأولى ضمن الديون الواجبة الأداء وهو ما يعكس لنا مدى الحـرص الـكبيـــــر الذي يـوليـه الـقـانـون الـفرنـسي لـوضـعية الأجراء في نطاق المساطر الجماعية(10) . ولم يقف المشرع الفرنسي عند حدود الامتياز السالف الذكر، وإنما وضع مجموعة من الضمانات القانونية والمؤسساتية التي تكفل استيفاء الديون المشمولة بذلك الامتياز. ولعل أهم هذه الضمانات يكمن في ضمان أداء جميع المبالغ المستحقة للأجراء يوم افتتاح المسطرة من طرف جمعية تدبير نظام التأمين على ديون الأجراء :
" Association pour la gestion du régime d’assurance de créances des salaires"
ونظرا لأهمية هذا الضمان في الوفاء بديون الأجراء عند عدم تغطية أموال المقاولة لهذه الديون فقد مدده المشرع الفرنسي ليشمل جميع المبالغ المستحقة للأجراء بما في ذلك التعويضات والفوائد المحتملة والديون الناتجة عن توقف عقد الشغل أو إنهائه، وهكذا أصبح للمتصرف القضائي الحق في أن يطالب هذا الجهاز بالمبالغ اللازمة لأداء الـديـون الـخاضعة للامـتـيـاز الممتاز في حالة عدم كفاية أموال المدين الخاضع لمساطر المـعـالجة للـوفـاء بتلك الديون، وهذا يعتبر مكسبا حمائيا بمقتضاه يتم ضمان أداء المبالغ المستحقة يوم افتتاح المسطرة نظرا لطبيعتها الإنسانية والمعيشية.
والخلاصة التي نتوصل إليها هي أن الأجير في التشريع الفرنسي يوجد في وضعية مريحة وأكثر حماية تنافس جميع الدائنين بما في ذلك دائني المادة 40 المشار إليها سابــــقا، وهو ما يــؤثـر بصفة فعلية على مركز الــدائن اللاحق ، وإذا كان هذا الوضع هو الـــوضع في القانون الفرنسي، فما هو الوضع في القانون المغربي ؟ وإلى أي حد يمكن أن يؤثر مركز الأجير على مركز الدائنين ؟
دلك ما سنترق له في الحلقة القادمة .